خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : حسن الخاتمة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حسن الخاتمة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 28 رمضان 1443هـ، الموافق 29 أبريل 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م بصيغة word بعنوان : حسن الخاتمة ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م بصيغة pdf بعنوان : حسن الخاتمة ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م بعنوان : حسن الخاتمة .
أولاً: وداعًا يا شهرَ القرآنِ وداعًا يا شهرَ الصيامِ والقيامِ .
ثانيـــًـا : وقفاتٌ مشروعةٌ قبلَ الختامِ .
ثالثًا وأخيرًا :همساتُ مِن القلبِ إلى القلبٍ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م بعنوان : حسن الخاتمة : كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: مسكُ الختامِ لشهرِ رمضانَ د. محمد حرز بتاريخ: 28 رمضان 1443هــ – 29أبريل 2022م
الحمدُ للهِ العليمِ الشكورِ ، مقلبِ الأزمانِ والدهورِ ، ومغيرِ الأيامِ والشهورِ ،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ؛ القائل كما في حديث: عَائِشَةُ رضى اللهٌ عنها قالت كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ (( (متفق عليه )، فاللهم صلِّ وسلمْ على مسكِ الختامِ، وخيرِ مَن صلَّى وصامَ، وطافَ بالبيتِ الحرامِ، وجاهدَ الكفارَ في شهرِ الصيامِ، وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهُم بإحسانٍ والتزام.
أما بعد: فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:(( مسكُ الختامِ لشهرِ الصيامِ)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولاً: وداعًا يا شهرَ القرآنِ وداعًا يا شهرَ الصيامِ والقيامِ .
ثانيـــًـا : وقفاتٌ مشروعةٌ قبلَ الختامِ .
ثالثًا وأخيرًا :همساتُ مِن القلبِ إلى القلبٍ .
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن مسكِ الختامِ لشهرِ الصيامِ والقيامِ والقرآنِ، وخاصةً وشهرُ رمضانَ أوشكَ على الرحيلِ، قد أصفرّتْ شمسُهُ وأذنتْ بالغروبِ، وأُعْلِنَ الفراقُ ولم يبقَ إلّا القليل ، فسلُوا اللهَ -تعالى- أنْ يجعلَهُ فراقًا إلى تلاقِي، وأنْ يعيدَهُ علينا وعليكم باليمنِ والبركةِ، وأنْ يجعلَنَا مِن عتقاءِ رمضانَ، ومِن المقبولينَ الفائزينَ عندَ توزيعِ الجوائزِ يوم الدينِ. وخاصةً وإنَّ العينَ لتدمعُ وإنَّ القلبَ ليحزنُ وإنَّا على فراقِكَ يا رمضانُ لمحزنون ولا نقولُ إلَّا ما يُرضِي ربّنَا.فاللهَ اللهَ في رمضانَ ونفحاتِهِ، اللهَ اللهَ في رمضانَ ورحماتِهِ ,اللهَ اللهَ في رمضانَ ومغفرةِ الذنوبِ، اللهَ اللهَ في العتقِ من النيرانِ. فاغتنمُوا ما بقِى مِن أيامِ النفحاتِ قبلَ فواتِ الأوانِ؛ لأنَّك لا تدرِي يا مسكينُ إذا جنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ؟ وخاصةً عندما يتأملُ المسلمُ سرعةَ الأيامِ وتقاربَ الزمانِ، يدركُ أنَّ العمرَ قصيرٌ، وأنَّ السعيدَ مَن عمَّرَهُ بطاعةِ اللهِ، وطلبَ جنتَهُ ورضوانَهُ، فالبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الآوانِ، فالبدارَ البدارَ في استغلالِ ما بقيَ مِن أيامِ الصيامِ والقيامِ، وللهِ درُّ القائلِ
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ لهُ *** إنَّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبلَ موتِك ذكرَهَا *** فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولاً: وداعًا يا شهرَ القرآنِ وداعًا يا شهرَ الصيامِ والقيامِ .
أيُّها السادةُ : كلُّ شيءٍ لهُ بدايةٌ لابدَّ أنْ تكونَ له نهايةٌ هذه هي الحقيقةُ التي لا غنَي للإنسانِ عنها فالإنسانُ له بدايةٌ إذًا لا بدَّ أنْ تكونَ له نهايةٌ ، ورمضانُ لهُ بدايةٌ إذًا لابدَّ أنْ تكونَ له نهايةٌ ، وها هي الساعاتُ تمرُّ ، والأيامُ تجرِى مِن وراءِهَا ، أوشكَ رمضانُ على الانتهاءِ، وكنَّا بالأمسِ القريبِ نتلقَّى التهانِيَ بقدومهِ، ونسألُ اللهَ بلوغَهُ، واليومُ نتلقَّى التعازِيَ برحيلِهِ، ونسألُ اللهَ قبولَهُ..كنَّا في شوقٍ للقائهِ ، نتحرَّى رؤيةَ هلالهِ، ونتلقَّى التهانِيَ بمقدمهِ، وها نحنُ في آخرِ ساعاتِهِ، نتهيأُ لوداعِهِ، وهذه الجمعةُ هي آخرُ جمعةٍ في هذا الشهرِ المباركِ لهذا العام، فسبحانَ مُصَرِّفِ الشهورِ والأعوامِ، سبحانَ مدبرِ الليالِي والأيامِ، سبحانَ الذي كتبَ الفناءَ والموتَ على جميعِ خلقهِ وهو الحيُّ الباقِي الذي لا يموتُ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ (الرحمن: 26، 27).
فو اللهِ ثمَّ واللهِ إنَّ قلوبَ الصالحين إلى هذا الشهرِ تحنُّ، ومِن ألمِ فُراقهِ تئنُّ، وكيف لا ؟وقد نزلتْ فيه رحمةُ ربِّ العالمين؟ كيف لا تتألمُ قلوبُ المحبين على فراقِهِ وهم لا يعلمونَ هل يعيشونَ حتى يحضرونَهُ مرةً أُخرى أمْ لا، فإنْ لم نحسنْ استقبالَهُ يا سادةٌ فلنحسنْ توديعَهُ، فالعبرةُ بكمالِ النهايةِ لا بنقصِ البدايةِ (فالعبرةُ بالخواتيمِ ) ها هو شهرُ الخيرِ يرتحلُ، وصفحاتُهُ تُطْوى، ولحظاتُهُ تسعى..سينقضِي رمضانُ وفي قلوبِ الصالحين لوعةٌ، وفي نفوسِ الأبرارِ حرقةٌ، وكيف لا يكونُ ذلك؛ وأبوابُ الجنانِ ستغلقُ، وأبوابُ النيرانِ ستفتحُ، و مردةُ الجنِّ ستطلقُ..وداعًا يا شهرَ رمضانَ ..وداعًا يا شهرَ القرآنِ…وداعًا يا شهرَ القيامِ.. وداعًا يا شهرَ الإحسانِ وداعًا يا شهرَ الجودِ والإكرامِ .. وداعًا يا شهرَ العتقِ مِن النيرانِ.
فيا عيني جُودِي بالدمعِ مِن أسفٍ ***على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ
على ليالِ لشهرِ الصومِ ما جُعلتْ*** إلا لتمحيصِ آثامٍ وأوزار
ما كان أحسننَا والشملُ مجتمعٌ*** منَّا المصلى ومنَّا القانتُ القارى
أيُّها السادةُ: العمرُ ليسَ رمضانَ، والزمانُ أوسعُ مِن رمضانَ، والحسابُ مستمرٌ في رمضانَ وفي غيرهِ، والثوابُ والعقابُ على رمضانَ وشوالَ وشعبانَ، والسؤالُ آتٍ عن عمرِكَ كلِّهِ ليس عن رمضانَ فحسب ، فيمَ أتممتَهُ؟ وكيف قضيتَهُ؟ يا تُرَى قضيتَ العمرَ في طاعةَ الرحمنِ أم ضيعتَ العمرَ في طاعةِ الشيطانِ !! يا تُرى قضيتَ العمرَ بالقربِ مِن ربِّكَ أمْ قضيتَ العمرَ في البعدِ عن ربِّكَ !! ستقفُ بينَ قاضِي القضاةِ وجبارِ السماواتِ والأرضِ تُسألُ عن رمضانَ وغيرهِ تُسألُ عن كلِّ صغيرةٍ وعن كلِّ كبيرةٍ قال جلَّ وعلا): فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه( (الزلزلة: 8)، نعم فكلُّ ما تعملُهُ مِن خيرٍ ولو كان وزنَ ذرةٍ تراهُ في الآخرةِ في صحيفتِك. روى الإمامُ أحمدُ في مسندهِ عن أبي هريرةَ، قال: قرأَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- هذه الآيةَ(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا( قال: “أتدرونَ ما أخبارَهَا؟“. قالوا: اللهُ ورسولهُ أعلم. قال: “فإنَّ أخبارَهَا أنْ تشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمةٍ بما عَمِلَ على ظهرِهَا، أنْ تقولَ: عَمِلَ كذا وكذا، يومَ كذا وكذا، فهذه أخبارُهَا)) فهنيئًا لمَن كانتْ أعمالُهُ كلُّهَا خيرٌ و يا سعادةُ مَن وفقَ لعملِ الخيرِ وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ” لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ وَمِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ،وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟”(رواه الترمذي والدارمي، وقال الترمذي : حسن صحيح،) فالعبادةُ يا سادةٌ ليستْ مقتصرةً على رمضانَ فحسب، إنَّما عبادةُ الربِّ سبحانَهُ وطاعتُهُ مستمرةٌ حتى المماتِ إلى أنْ نلقَى اللهَ جلَّ وعلا . لذا قال الحسنُ البصريُّ:“ إنَّ اللهَ لم يجعلْ لعملِ المؤمنِ أجلًا دونَ الموتِ، ثم قرأَ(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)“ سورة الحجر: 99(
آهٍ فرُبَّ شروقٍ بِلَا غروبٍ،وربَّ ليلٍ بلا نهارٍ،وكم مْن رجلٍ كان مِن أهلِ الدنيا وأصبحَ مِن أهلِ الآخرةِ،وكم مِن مزمارٍ في بيتٍ أصبحَ فيه الصراخُ وكم مِن رجلٍ كان يقسمُ ميراثًا لأبيهِ وفي الصباحِ لحقَ بهِ وراحَ.
ما في الحياةِ بقاءٌ*** ما في الحياةِ ثبوتُ
نَبْنِي البيوتَ وحتمًا*** تنهارُ تلك البيوتُ
تموتُ كلُّ البرايَا *** سبحانَ مَن لا يموتُ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيــــًا : وقفاتٌ مشروعةٌ قبلَ الختامِ .
أيُّها السادةُ: اعلموا أنَّ اللهَ جلَّ وعلا شرعَ لنا في ختامِ هذا الشهرِ المباركِ أعمالًا تكملةً لهُ وزيادةً لكم في الخيرِ، فشرعَ لنا أمورًا كثيرةً منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: فشرعَ اللهُ في ختامِ هذا الشهرِ صدقةَ الفطرِ: طهرةٌ للصائمِ مِن اللغوِ والرفثِ وطعمةٌ للمساكينِ وشكرًا لهُ على توفيقهِ للصيامِ والقيامِ والقرآنِ، وهي زكاةٌ عن البدنِ يجبُ إخراجُهَا عن الكبيرِ والصغيرِ والذكرِ والأنثى والحرِّ والعبدِ، ويستحبُّ إخراجُهَا عن الحَمْلِ في البطنِ وليس بواجبٍ، ويجبُ إخراجُهَا عن كلِّ مسلمٍ غربتْ عليهِ الشمسُ ليلةَ العيدِ وهو يملكُ ما يزيدُ عن قوتِ يومهِ وليلتهِ، ويجبُ عليه أنْ يُخرجَ عن نفسهِ ومَن تلزمهُ نفقتهُ مِن زوجتهِ ووالديهِ وأولادهِ،
فعن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما كما في الصحيحين ((فَرَضَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ)) والأصلُ في إخراجِهَا أنْ تكونَ طعامًا كمِا في حديثِ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ“.(رواه مسلم)ويجوزُ إخراجُهَا قيمةً أو نقدًا كما قالَ أبو حنيفةَ والثوريُّ وغيرهمَا مِن الأئمةِ الأخيارِ وخاصةً إذا كانتْ الضرورةُ داعيةً إلى هذا ولقد حددتْهَا دارُ الإفتاءِ المصريةِ خمسةَ عشرَ جنيهًا كحدِ أدنَى لزكاةِ الفطرِ عن الفردِ .
ومما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: لزومَ الاستغفارِ فلقدْ كان مِن هَدْي نبيِّنَا –صلَّى اللهُ عليه وسلم – إذا فَرِغَ مِن صلاتهِ أنْ يستغفرَ اللهَ ثلاثًا، وكذلك كان مِن هَدْي المُتَّقين الذين وصفَهُم اللهُ بأنّهم يستغفرونَ بالأسحارِ بعدَ قيامِ الليلِ، قالَ -تعالى-: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) [سورة الذاريات] كما أمرَ اللهُ عبادَهُ بالاستغفارِ بعدَ أداءِ مناسكِ الحجِّ، فقالَ -عزَّ وجلَّ-: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) [سورة البقرة] فالاستغفارُ يجبرُ الخللَ الواقعَ في العبادةِ فاستغفرُوا اللهَ على تقصيرِكُم في الصيامِ والقيامِ . وودعوا شهرَكُم بالاستغفارِ والتوبةِ وكثرةِ الدعاءِ لعلكم تكونون مِن العتقاءِ مِن النارِ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (البقرة: 185(
ومما شرَعُه اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: الشكرَ على نعمهِ وآلائهِ ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (البقرة: 185)…….. فالحمدُ للهِ على نعمةِ الصيامِ والقيامِ والقرآنِ .الحمدُ للهِ والشكرُ للهِ على أنْ مَدَّ في أعمارِنَا حتى صومنَا النهارَ وقمنَا الليلَ بينَ يدي العزيزِ الغفارِ.
ومما شرَعُه اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: الحرصَ على طلبِ العَفوِ والغفرانِ والرحمةِ والرضوانِ: وخاصّةً في ليلةِ القدرِ، فقدْ علّمَ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلامُ- السيدةَ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- طلبَ العَفو مِن اللهِ بقولِ: (اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي) [رواه الترمذي] إذْ أنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يطلبَ عبادُهُ العفوَ منهُ سبحانُهُ وتعالى.
ومما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ :نَبْذَ التخاصمِ والنِّزاعِ: فمِن الجديرِ بالمسلمين ياسادةٌ تركُ التنازُعِ فيما بينهم ونبذُ الخصامِ والفرقةِ والاختلافِ، إذ إنّ الخلافَ مِن أسبابِ مَنْعِ الخيرِ عن المجتمعِ كلِّهِ، ودليلُ ذلك ما أخرجَهُ البخاريُّ في صحيحه عن عُبادةَ بن الصامتِ -رضي اللهُ عنه- أنّه قال: (خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ وعَسَى أنْ يَكونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا في التَّاسِعَةِ، والسَّابِعَةِ، والخَامِسَةِ(.
ومما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: التكبيرَ قال جلَّ وعلا ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]؛ فيسنُّ التكبيرُ ليلةَ العيدِ والجهرِ بهِ في المساجدِ والبيوتِ والأسواقِ تعظيمًا للهِ وشكرًا لهُ على تمامِ النعمةِ.
وما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ المباركِ: صلاةَ العيدِ وهي فرضُ كفايةٍ وهي مِن تمامِ ذكرِ اللهِ قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾( الأعلى: 14 ، 15.(قال بعضُ السلفِ: أي أدِّى زكاةَ الفطرِ وصلِّى، وقيلَ المرادُ صلاة العيدِ.
رَمَضَـانُ دَمْعِـيْ لِلْفِرَاقِ يَسِيْلُ ** وَالْقَلْبُ مِنْ أَلَمِ الْـوَدَاعِ هَـزِيْلُ
رَمَضَـانُ إِنَّكَ سَـيِّدٌ وَمُهَـذَّبٌ ** وَضِيَـاءُ وَجْهِـكَ يَا عَزِيْزُ جَلِيْلُ
رَمَضَـانُ جِئْتَ وَلَيْلُنَا مُتَصَـدِّعٌ ** أَمَّا النَّـهَـارُ بِلَهْـوِهِ مَشْغُـوْلُ
فَالْتـَفَّ حَـوْلَكَ سَادَةٌ ذُو هِمَّـةٍ ** لَمْ يُثْنِهِمْ عَنْ صَـوْمِهِمْ مَخْـذُوْلُ
قَامُـوا لَـيَالٍ وَالدُّمُـوْعُ غَـزِيْرَةٌ ** وَيَدُ السَّخَـاءِ يَزِيْـنُهَا التّـَنْوِيْلُ
سَجَـدُوا لِبَارِئِهِمْ بِجَبْهَةِ مُخْلِـصٍ ** وَأَصَـابَ كُلاًّ زَفْـرَةٌ وَعَـوِيْلُ
كَمْ فِيْكَ مِنْ مِنَـحِ الإِلَهِ وَرَحْمَـةٍ ** وَالْعِتْـقُ فِيْكَ لِمَنْ هَفَا مَأْمُـوْلُ
وَسَحَائِبُ الرَّحَمَاتِ فِيْ فَلَكِ الدُّجَى ** فِيْ لَيْـلَـةٍ نَادَى بِهَا التَّنْـزِيْـلُ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكُم
الخطبةّ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدّ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا وأخيرًا: همساتٌ مِن القلبِ إلى القلبِ .
أيُّها السادةّ: ها نحنُ نودعُ شهرَ رمضانَ المبارك … ونهارَهُ الجميلَ وليالِيه العطرةَ وأنفاسَهُ المشرقةَ ونفحاتِه المبهرةِ وفضائلَهُ المتميزةَ بدموعٍ وألمٍ … وكيف لا ؟ها نحن نودعّ شهرَ القرآنِ والتقوى والصبرِ والجهادِ والرحمةِ والمغفرةِ والعتقِ مِن النارِ .فماذا جنينَا مِن ثمارهِ اليانعةِ وظلالهِ الوارقةِ ؟!هل تعلمنَا التقوى … وتخرجنَا مِن مدرسةِ رمضانَ بشهادةِ المتقين ؟!هل تعلمنَا فيه الصبرَ والمصابرةَ على الطاعةِ وعن المعصيةِ وعلى أقدارِ اللهِ؟!هل جاهدنَا أنفسَنَا وشهواتِنَا وانتصرنَا عليها ؟!هل غلبتنَا العاداتُ والتقاليدُ السيئةُ ؟!هل تخرجتَ من مدرسةِ التقوى في رمضانَ فأصبحتَ مِن المتقين ..هل أنتَ أحسنُ حالًا الآن منك قبلَ رمضانَ ؟ هل … هل … هل…؟! أسئلةٌ كثيرةٌ .. وخواطرُ عديدةٌ .. وهمساتٌ قلبيةٌ راقيةٌ تتداعَى على قلبِ كلِّ مُسلمٍ صادقٍ .. يسألُ نفسَهُ ويجيبُهَا بصدقٍ وصراحةٍ .. ماذا استفدتُ مِن رمضانَ ؟
إنَّهُ مدرسةٌ إيمانيةٌ … إنَّهُ محطةٌ روحيةٌ للتزودِ منه لبقيةِ العامِ … ولشحذِ الهممِ بقيةِ العمرِ …
فمتى يتعظُ ويعتبرُ ويستفيدُ ويتغيرُ ويُغيرُ مِن حياتهِ مَن لم يفعلْ ذلك في رمضانَ ؟!إنَّهُ بحقٍّ مدرسةٌ للتغييرِ ..يا سادةٌ نُغيرُ فيهِ مِن أعمالِنَا وسلوكِنَا وعاداتِنَا وأخلاقِنَا المخالفةِ لشرعِ اللهِ جلَّ وعلا { .. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ… } (الرعد 11) .
فيا أيُّها المسلمُ: فيا أيُّها الموحدُ :لا يكنْ آخرُ عهدِكَ بالصيامِ وقراءةِ القرآنِ وغيرِهِمَا مِن العباداتِ هو رمضانُ، واعلم أنَّ سيدَنَا رسولَ اللهِ –صلَّى اللهُ عليه وسلم- قد ندبَكَ إلى الاستمرارِ في الطاعةِ والعبادةِ. فالمداومةُ على العملِ الصالحِ شعارُ المؤمنين .. بل ومِن أحبِّ القرباتِ إلى اللهِ ربِّ العالمين كما فى الصحيحين عن عائشةَ رضى اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه و سلم
قال : “أكْلَفوا مِن العملِ ما تطيقُون ، فإنَّ اللهَ لا يملُّ حتى تملُّوا ، وأنَّ أحبَّ العملِ إلى اللهِ أدومهُ وإنْ قلَّ ، وكان إذا عملَ عملًا أثبتَهُ” فالمداومةُ على الطاعةِ من أعظمِ البراهين على القبولِ قالَ تعالى ): وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[سورة الحجر99].
أيُّها السادةُ :ها هي همساتُ الوداعِ تقولُ : أحسنُوا وداعَ شهرِكُم .. ضاعفُوا الاجتهادَ في هذه الليالي ، أكثرُوا مِن الذكرِ … أكثرُوا مِن تلاوةِ القرآنِ … أكثرّوا من الصلاةِ ، أكثروا من الصدقاتِ، أكثروا من إفطارِ الصائمين . فالعبرةُ بالخواتيمِ وإنْ لم نحسنْ الاستقبالَ فلنحسنْ الوداعَ …فالبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ، التوبةَ التوبةَ قبلَ فواتِ الأوانِ، الرجوعَ الرجوعَ إلى اللهِ قبلَ فواتِ الأوانِ، الندمَ الندمَ قبلَ فواتِ الأوانِ.
أبتْ نفسِي أنْ تتوبَ فما احتيالِي*** إذا برزَ العبادُ لذِي الجلالِ
وقامُوا مِن قبورِهم سُكارى *** بأوزارٍ كأمثالِ الجبالِ
وقد نُصِبَ الصراطُ لكي يجوزُوا *** فمنهم مَن يُكَبُّ علي الشمالِ
ومنهم مَن يسيرُ لدارِ *** عدنٍ تلقاهُ العرائسُ بالغوالِي
يقولُ لهُ المهيمنُ يا وليِّ *** غفرتُ لك الذنوبَ فلا تُبالي
عبادَ اللهِ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة الأحزاب (56) }….الدعاء
.نسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يتقبلَ منَّا صيامَنَا وقيامَنَا وصلاتَنَا وزكاتَنَا ، وأنْ يحفظً مِصْرَنَا مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ، إنَّهُ ولىُّ ذلك ومولاه…
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف